أحدث الأخبار مع #الفن التشكيلي


صحيفة الخليج
منذ 2 أيام
- ترفيه
- صحيفة الخليج
«بين السكك»... قبس من رحيق الأمكنة
توجه العديد من الفنانين نحو تناول البيئة والتراث المحلي في مفرداتهما المختلفة من أجل الحفاظ على القيم والهوية، لكن قلة من التشكيليين استطاعوا أن يقبلوا على تلك المهمة وينجحوا فيها باقتدار، حيث إنهم لم ينقلوا، في أعمالهم الواقع كما هو بصورة تقريرية بل عبر تأويله ومنحه أبعاداً تعبر عن شعورهم تجاهه بصورة انطباعية. لعل من أميز الفنانين الذين برعوا في تناول التراث ومفردات البيئة، المبدع عبيد سرور، صاحب الأعمال اللونية المختلفة والبصمة الخاصة، والذي تميز في رصد الواقع والحياة التي سادت في الإمارات قبل سنوات مضت والتي سبقت هذه النقلة الكبيرة التي شهدتها الدولة من تطور وازدهار عمراني، حيث ركزت لوحاته على ثيمات بيئية وتراثية مثل المكان، خاصة البيوت القديمة والشوارع والأزقة والجدران والجبال والحقول، والكثير من المفردات الأخرى مثل الحكايات والألعاب الشعبية. تخصص سرور في هذا المجال بصورة غير تقليدية بل فيها الكثير من الابتكار والإبداع والانفتاح على المدارس الفنية المختلفة، خاصة أنه قد درس الفن، وسكب فيه العديد من الجهود الفكرية والبحثية، وذلك ما طور من أسلوبه وتقنياته الفنية، بل وحتى الأدوات المستخدمة في الرسم كانت مبتكرة في كثير من الأحيان، فلم يكتف بممارسة الفن التشكيلي بالسائد من أنواع الألوان الزيتية والمائية وغير ذلك، بل طور أنواعاً لونية من الواقع المحلي. من أشهر لوحات سرور التي رسخت في أذهان الناس في الإمارات ومنطقة الخليج والعالم العربي، تلك التي تحمل اسم «بين السكك»، والتي قام برسمها عام 2018، وهي عبارة عن مشهد لتقاطع شوارع قديمة تظهر فيه بيوت قديمة، وبقايا منازل متصدعة، ومما يدل على قدمها تلك المواد التي شيدت بها البيوت من طين وأبواب خشبية تقليدية، بينما الشوارع هي عبارة عن ممرات رملية، ومن خلف ذلك المشهد تبرز الأشجار الخضراء السامقة، فكل ما في مشهد اللوحة يدل على أن هذا المكان ينتمي إلى واقع قديم. * مشهدية اللوحة عبارة عن صورة مشهدية حية، تحدث عن البيئة الإماراتية في تفاصيلها المكانية والزمانية، حيث صمم الفنان العمل بشكل ينقل إلى الناظر مشاعر الشوق إلى تلك الأمكنة التي كانت مسرحاً لحياة اجتماعية تنتمي إلى أزمنة مضت، لكن يبدو أن الفنان أراد تخليد تلك المعالم القديمة عبر حفظها في سجل الفنون من خلال هذه اللوحات التي تخصص فيها، فتلك الأزقة نشأ فيها الفنان نفسه، وكان لها أثر كبير في حياته، ومن هنا فإن مثل هذه الأمكنة ترسخ في الذكرة ويحولها الرسام إلى تحفة فنية. التوزيع اللوني في اللوحة يحمل رحيق الماضي، لدرجة يتجول معها المشاهد داخل تلك الشوارع القديمة، ولعل طغيان اللون الأصفر من أجل تعميق الشعور بالماضي خاصة في لون البيوت والشوارع الرملية، ويظهر باب بصورة غير كاملة باللون الأزرق، بينما بعض المنازل في الجانب الطرفي الأيمن من اللوحة كانت خليطاً من الأصفر والأحمر والأزرق. يعود انحياز سرور إلى تلك البيئة القديمة، إلى نشأته في رأس الخيمة الساحرة حيث البحر والبيوت والمقاهي القديمة، ويظهر في هذه اللوحة وغيرها من أعمال سرور ولعه وحبه للمكان، ومقدرته الفنية في تحويل ذكرياته إلى رسومات ولوحات يمزج فيها بين مشاهداته الواقعية وما علق في الذاكرة والخيال، ويبتعد سرور عن النقل المباشر للواقع، بل يغذي اللوحة بالعلامات والرموز التي يقبل على تأويلها المشاهد، وذلك يشير إلى أن اللوحة لحظة تأملية وجمالية في ذات الوقت. وهناك بعد شاعري في اللوحة، حيث نلمس تعلق الفنان بتلك الأماكن القديمة التي ترعرع فيها، ويريد أن يبرز جمالياتها لأجل أن تظل باقية، فالمكان شهد الكثير من السير والحكايات، ولعل براعة الفنان تكمن في أن يصور المكان خالياً من البشر، فلا يوجد في إطار اللوحة أي أثر لإنسان، مما يعمق الشعور بالحنين، وكأن المكان بقي وحيداً بعد أن هجره البشر، ولكنه لم يتنكر لهم، وتلك لحظة درامية مؤثرة نجح سرور في الإشارة إليها بصورة رمزية. *عفوية في هذا العمل، نجح سرور في أن يجمع بين البساطة والعفوية في تكوين المشهد، وبين تحميل الصورة بأبعاد غير مرئية، تبرز كحالة شعورية تنتاب من يقع نظره على مشهد اللوحة، وتلك لغة تعبيرية خاصة بالفنان، فمثل هذه المشهديات تتطلب أن يكون المشاهد صاحب تجربة في معرفة البيئة القديمة والتراث، لكي يكون قادراً على فهم ما وراء اللوحة من دلالات. لقد نجح الفنان في صناعة قطعة تشكيلية غاية في الروعة تجعل المتلقي في حالة تأمل عميق.


الغد
منذ 3 أيام
- ترفيه
- الغد
لوحات حجازين تحمل دلالات مغلفة بحس الطرافة والنقد الساخر
أحمد الشوابكة اضافة اعلان عمان - يمتلك الفنان التشكيلي الأردني خلدون موسى حجازين رؤية نقدية عميقة في فنه، يعبر من خلالها عن الأفكار والبنى التاريخية والمعرفية والمفاهيمية الكامنة خلف الواقع المعيش، خصوصا في سياق العالم العربي.تهدف أعماله إلى إثارة القضايا والإشكاليات الحضارية والسياسية التي تشغل المنطقة العربية اليوم، داعيا المشاهد إلى طرح التساؤلات وتفكيك المفاهيم عبر تجربة بصرية تمزج بين الاحتراف التقني والبنائي للمفردات البصرية وبين الإبداع في طرح المواضيع. حيث يغلب على أعماله حس الطرافة والغرابة والنقد الساخر، بشكل يفتح باب التأويل الحر للمعاني والدلالات.كما يوظف حجازين في أعماله الرموز والاستعارات والتشبيهات الموروثة من الثقافة البصرية في التاريخين الحديث والمعاصر، ليقدم من خلالها تصوراته وتساؤلاته بأسلوب يدفع المتلقي للتفاعل والتأمل.يتميز أسلوب حجازين بدمج العناصر الواقعية وغير الواقعية، ويستمد موضوعاته من استكشاف مفاهيم مثل السلطة، النبل والأخلاق في ظل العولمة، مع تقديم قراءة ساخرة لمظاهر هذه المفاهيم في الحياة اليومية.تتبلور رؤيته في خطاب فني مفاهيمي معاصر، يخاطب من حيث الشكل والمضمون موضوعات متشابكة ثقافيا، سياسيا واجتماعيا، مثل الهوية والتاريخ والاستعمار والرأسمالية والثقافة الجماهيرية، من زاوية نقدية تنبع من الظرف العربي وسردياته.وتتميز أعماله غالبا بالطابع السردي النقدي، من خلال تكوينات فنية متعددة التقنيات والأساليب، تجمع بين الرسم والتصوير على القماش، إلى جانب مجسمات نحتية تمزج بين الواقعية والسيريالية، مع حضور واضح للتأثيرات البصرية التجريدية.درس حجازين الفنون البصرية في كلية الفنون والتصميم في الجامعة الأردنية، ثم حصل على الماجستير في الفنون الجميلة في بوسطن من جامعة Tufts الأميركية، كما عمل وما يزال محاضرا في كلية الفنون والتصميم في الجامعة الأردنية. له في سجله الفني معارض فردية في كل من: عمان ودبي، إضافة إلى مشاركته في العديد من المعارض الجماعية وورش العمل وبرامج التبادل الفني في الأردن، وأيضا على المستويين الإقليمي والدولي.دعم الأسرة لعب دورا مهما في تنمية مهارات حجازين الفنية. كانت والدته تصحبه إلى متحف الحياة الشعبية، حيث قضى معظم وقته هناك، واستطاع تنمية قدرته على التأمل والتفاعل مع العالم المرئي. كما أن والده الفنان موسى حجازين له الأثر الأكبر في اتجاهه الفني وتعلمه للفن الناقد الساخر.ومن وجهة نظره يعتبر حجازين الفن من أسمى الأفعال الإنسانية، بما يحمله من قوة خلاقة تدفع بحدود المتخيل والممكن في تجاربنا المعاشة. فالمبدع الحقيقي، كما يراه حجازين، أيا كان شكل فنه، يستطيع من خلال التجريب والاكتشاف والبحث، أن يكون مصدرا لمتعة فاعلة تحفز الحس الجمالي، وتغذي الفكر التحرري والنقدي في آن واحد.وتشكل هذه المبادئ في نظره، القاعدة الأساسية التي ينطلق منها في ممارسته الفنية، التي يعمل على تطويرها باستمرار، إيمانا منه أن الفن يجب أن يكون حرا وغير مقيد.ويؤكد حجازين في حديثه لصحيفة "الغد"، أن الفن يجب أن يكون قادرا على إثارة الأسئلة ومواجهة التحديات المرتبطة بالعالم من حولنا، من خلال التفاعل الحي والتأثير المتبادل مع المجتمع والثقافة المعاصرة. فهو يرى في الفن والثقافة قوة فاعلة في تفكيك الفهم المسبق والصور النمطية، وأداة قادرة على إحداث التغيير عبر التأثير في الوعي العام.ومن هذا المنطلق، تتكامل الممارسة الموازية لحجازين كمنسق للمعارض ومدير للبرامج الثقافية والفنية، مع رؤيته التي تتمحور حول الاحتفاء بالطاقات والخصوصيات الإبداعية للأردن والمنطقة العربية، والمساهمة في إحياء إرثها الحضاري وصداه في المشهد الثقافي العالمي. فقد أشرف على تنظيم وشارك في تنسيق العديد من البرامج والمشاريع بالتعاون مع مؤسسات فنية محلية ودولية، ساعيا إلى خلق منصات فنية شمولية، وعابرة للتخصصات، تدعم التبادل الثقافي وفرص الإنتاج الفني والابتكار للمبدعين والفنانين الناشئين في الأردن والمنطقة.ويتابع حاليا دراسته لنيل درجة الدكتوراه في الفلسفة بكلية الآداب في الجامعة الأردنية، حيث يركز في مشروعه البحثي على فلسفة الجمال التحررية في الفن العربي المعاصر. من خلال هذا الإطار النظري، يستكشف حجازين سبل تطوير استراتيجيات فنية تساهم في نزع آثار الاستعمار واستعادة الإرث المعرفي والقيمي في المشرق العربي، وذلك عبر توظيف ممارسات فنية تستند إلى أبحاث متعددة التخصصات، وتقدم في هيئة تجارب حية وتفاعلية بهدف صياغة لغة فنية نقدية ومعاصرة تستشرف المستقبل.إضافة إلى ذلك، نال حجازين العام الحالي مقعد الزمالة لدى مؤسسة شكسبير الملكية في المملكة المتحدة، بعد اختياره، إلى جانب خمسة عشر رياديا فنيا وثقافيا من حول العالم لهذا البرنامج. وسيعمل خلال عام كامل مع المؤسسة على تطوير أطر حديثة ومبتكرة، تستفيد من أحدث ما توصل إليه تقاطع الفنون والتكنولوجيا المعاصرة.ومن خلال هذه الفرصة، سيعمل حجازين على البحث في إمكانيات تقنيات الواقع الافتراضي وتقنيات التجارب الغامرة الحديثة، وذلك في مجال إعادة قراءة وتخيل وإنتاج التراث الثقافي في المنطقة بشكل يتجه لاستشراف المستقبل، يقوم على تصحيح الصور النمطية الخاطئة عن ثقافة وتاريخ المنطقة، وإطلاق حوارات ثقافية تحولية وتقدمية.ويسعى من خلال رؤيته هذه إلى تنمية الممارسات التي تعزز المشاركة الثقافية الفاعلة، في سبيل تحقيق مستقبل مشترك يتسم بالتحرر والإبداع والإنجاز الحضاري بشكل يعالج تحديات الحاضر ويستجيب للرؤية النهضوية في الأردن والمنطقة.ويذكر أن حجازين، إلى جانب ممارسته الفنية، يعمل منذ أكثر من عشر سنوات كمستشار ثقافي مع عدد من المبادرات والمؤسسات في الأردن وخارجها. ويشغل حاليا منصب باحث مقيم في مؤسسة دارة الفنون، ضمن برنامج الزمالة البحثية في مجال الفن العربي الحديث والمعاصر.


عكاظ
منذ 4 أيام
- ترفيه
- عكاظ
خلود العمري ترسم أبواب الذاكرة وتفتح نوافذ الحنين
في عالم يمضي سريعا نحو الحداثة تبقى ذاكرة المكان ملاذا بصريا للفنانة خلود العمري التي اختارت أن تجعل من الأبواب القديمة موضوعا ثابتا في لوحاتها وكأنها تحاول تثبيت الزمن في إطار وتوثيق العلاقة الحميمة بين الإنسان والمكان. أبواب خشبية صدئة وجدران متآكلة وأرقام منسية تتكرر في أعمالها، لكنها لا تتشابه بل تحمل في كل مرة حكاية مختلفة ورائحة زمن مختلف، تقول خلود إنها لا ترسم ما تراه بل ما تتذكره وكل لوحة لديها ولدت من رائحة باب في بيت جدة أو ظل نافذة في قرية جنوبية. لوحاتها ليست تجريدية لكنها لا تنقل الواقع كما هو بل تلبسه حالة شعورية تستمدها من علاقتها الخاصة مع المكان. وتضيف أن الفن بالنسبة لها ليس ترفا بل لغة تعبيرية تسبق الحروف وتقول ما لا تستطيع أن تقوله الكلمات. بدأت رحلتها مع الألوان حين شعرت بحاجتها إلى لغة لا تعتمد على الحروف، وجدت في الألوان وسيلة للاعتراف والبوح وتتذكر أول لوحة رسمتها كأنها محاولة للإنصات لقلق داخلي كانت لحظة مصالحة بين الداخل والخارج. تصف أكثر لحظاتها صدقا في الفن بأنها تلك التي شعرت فيها أنها لا ترسم فحسب بل تتنفس الفن ترى الجمال في الأشياء البالية وتسمع الهمس في الجدران القديمة وتؤمن أن الرسم امتداد لطريقتها في الوجود لا مجرد فعل مؤقت. أما عن شعورها الحالي، فتقول إنه سيكون لوحة مشبعة بالفراغات والخطوط غير المنتظمة لونها ترابي وفيها مساحة صامتة لكنها تقول الكثير، حالة بين بين، لا هي فرح كامل ولا حزن خالص بل سكون داخلي. ترى أن المشهد التشكيلي السعودي يمر بمرحلة ولادة جديدة تشهد تنوعا وجرأة وتطورا ملموسا، وتؤكد أن الفن لم يعد مجرد وسيلة لعرض الجمال بل أصبح أداة حوار وتأمل وإعادة تشكيل للهوية. وعن حضور المرأة في الفن، ترى أن الفنانات السعوديات يقدمن أطروحات بصرية مذهلة لكنهن بحاجة إلى مناخ نقدي وفكري يمنحهن التقدير الحقيقي بعيدا عن مجرد الظهور. تؤمن بأن دور الجمعيات لا يجب أن يقتصر على تنظيم المعارض وتوزيع الجوائز، بل في خلق بيئة تسمح بالتجريب وتحتضن الأصوات الجديدة وتمنحهم مساحة للقول والبحث والتجربة. خلود العمري فنانة تشكيلية من جدة حاصلة على بكالوريوس الإدارة والاقتصاد من جامعة الملك عبدالعزيز، ودبلوم التصميم الجرافيكي، شاركت في معارض فنية في جدة والخبر والرياض ولها مقتنيات وجوائز وتكريمات عديدة، وتعد من الفنانات السعوديات اللاتي يحملن فكرا تراثيا أصيلا يستلهم الجمال من البيئة سواء كانت بيئة الجنوب أو بيئة جدة وحواريها القديمة التي تنتمي إليها. أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ 5 أيام
- ترفيه
- الإمارات اليوم
عبدالرحيم سالم..مبدع رائد قادته «مهيرة» إلى العالمية
الحديث عن الفن التشكيلي في الإمارات لابد أن يقود إلى المبدع عبدالرحيم سالم، باعتباره من رواده الذين أسهموا في تشكيل مشهده في الدولة، فضلاً عن كونه أحد الأعضاء المؤسسين لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية، وممن أسهموا في صياغة هوية الجمعية منذ تأسيسها عام 1980، وشغل فيها منصب رئيس مجلس الإدارة لأربع دورات، وهو المنصب الذي عاد إليه أخيراً بعد أن انتخبت الجمعية مجلس إدارتها الجديد لدورة 2025–2027، وأسفرت النتائج عن انتخاب عبدالرحيم سالم رئيساً لمجلس الإدارة، حاملاً رؤية جديدة وشعاراً يلخص توجهه: «نحو أفق جديد: تجديد، تأصيل، وتمكين»، ساعياً إلى تطوير وتأكيد الدور الريادي للجمعية، من خلال العمل على العديد من الفعاليات والأنشطة. ويعد عبدالرحيم سالم أحد الفاعلين والمؤثرين في الحركة التشكيلية الإماراتية، إذ حقق عدداً من الإنجازات التي نقلت الفن التشكيلي الإماراتي إلى العالم، وكذلك عرّفت الجمهور المحلي بالتجارب العالمية، التي أثرت الرؤية البصرية، وهو ما ساعد في مراحل لاحقة على تكريس هذا الفن في الدولة، وفق ما تذكر الكاتبة عبير يونس في كتابها: «عبدالرحيم سالم، أساطير التجريد» الصادر عن مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، ضمن سلسلة «أعلام من الإمارات»، الذي وثقت فيه مسيرة الفنان الكبير، وسلّطت الضوء على تجربته الفنية، منذ ولادته في دبي في عام 1955، وتعلقه برسوم الكتب المدرسية التي كانت تأتي من مصر، وتتميز برسومها الجاذبة لقرى وبيوت قديمة وفلاحات مصريات يحملن الجرار الفخارية فوق رؤوسهن، فكان ينقل بعض الصور بحرفية، ثم التحاقه بالدراسة في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، ضمن بعثة رافقه فيها طلاب آخرون، عملوا فيما بعد مجتمعين على إطلاق الحركة التشكيلية في الإمارات، مثل الفنانتين نجاة مكي ومنى الخاجة. حصـل عبدالرحيم سالم على شهادة البكالوريوس في قسم النحت من كلية الفنون الجميلة بجامعة القاهرة عام 1981، وعُرضت أعماله الفنية في العديد من المعارض الفردية الإقليمية والدولية، ومن أبرزها الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة في بينالي البندقية في نسخته الـ56 (2015)، وبينالي الفن الآسيوي (دكا، بنغلاديش، 1995)، إضافة إلى نسختي بينالي القاهرة الدولي للفنون (مصر، 1988، 1992). حاز العديد من الجوائز القيّمة، أهمها جائزة الإمارات التقديرية للعلوم والفنون والآداب في عام 2008، وحصل على الجائزة الأولى في بينالي الشارقة (1993)، وجائزة لجنة التحكيم في بينالي القاهرة (1993)، والجائزة الفضية في بينالي بنغلاديش (1994)، وجائزة سلطان بن علي العويس (1995)، وجائزة السعفة الذهبية لفناني دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1996. وتعرض أعمال عبدالرحيم سالم ضمن مقتنيات: متحف الشارقة للفنون، ومجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، وأدنوك في أبوظبي، إضافة إلى متحف الأردن الوطني. وخلال مسيرته قدم العديد من الأعمال التي حملت أسلوباً تجريدياً مميزاً، واتسمت بما تحمله من دلالات تشجع على التأويل وطرح الأسئلة، كما برزت في تجربته شخصية «مهيرة» التي تكرر ظهورها في أعماله، وهي الشخصية التي توقّف كتاب «أساطير التجريد» أمامها، موضحاً أنها تعد أسطورته الشخصية التي عمل على تطويرها، ففيها شيء من الواقع، ولكنه الواقع الذي امتدت من ورائه مساحات من الخيال التي لا يمكن لها أن تنتهي عند حد، فقصة «مهيرة» قادت مكونات اللوحات إلى عوالم لا محدودة، وآفاق تفتح لآفاق أخرى، لكنها تبقى السر المعلن عند عبدالرحيم، وإخلاصه لهذا السر لم يمنعه من التوقف في محطات كثيرة. • 1981 حصـل على شهادة البكالوريوس في قسم النحت من كلية الفنون الجميلة في جامعة القاهرة. • 2008 تم تكريمه بجائزة الإمارات التقديرية للعلوم والفنون والآداب. • 2025 عاد لتولي منصب رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للفنون التشكيلية. • عبد الرحيم سالم ابن دبي قدم العديد من الأعمال التي حملت أسلوباً تجريدياً مميزاً.


صحيفة الخليج
منذ 5 أيام
- ترفيه
- صحيفة الخليج
مسرحية «مجاريح».. مشهدية بصرية تخاطب العقل
يتلفت الفنان التشكيلي في الكثير من أعماله نحو أزمنة مضت، فيها تكوّن وعيه وتفكيره وحسه الجمالي، واحتفظت ذاكرته بألوان ومشاهد شتى تثير فيه لواعج الشوق، فيترجم ذلك إلى عمل فني يعبر عن ذلك الشعور، غير أن الفنان لا يقف عند حدود التأسي على الماضي فقط، بل يتمنى استعادته، وذلك ما تفعله اللوحات والأعمال الفنية التي تنشد عودة الروح القديمة في أزمنة قادمة، بحيث لا تطمس الحداثة ما تبقى من قيم. كثير من الأعمال المسرحية عالج قضايا مجتمعية، غير أن هناك عروضاً تميزت بالابتعاد عن سطح القضايا إلى عمقها وجذورها، وذلك الأمر نجده في أعمال لقيت بالفعل رواجاً ونجاحاً لأن ثيماتها الأساسية ملتصقة بالبيئة. لعل من أكثر المسرحيات التي أصابت قدراً كبيراً من الشهرة والنجاح، مسرحية «مجاريح»، عرض فرقة مسرح الشارقة الوطني، ذلك لأنها استطاعت توظيف الحكاية التراثية بشكل معاصر ومعالجة قضية مهمة عبر استخدام تقنيات وأساليب نجحت في تمرير الحمولة الثقيلة من عوالم البؤس والشقاء، حيث اجتمع في هذا العمل كل مقومات نجاح عرض مسرحي من نص ملحمي يتكئ على لغة شاعرية كتبه إسماعيل عبدالله، ورؤية إخراجية ذكية من قبل محمد العامري، وكان الأداء التمثيلي، هو العلامة الفارقة في هذا العمل، الذي جمع بين ممثلين من طينة الكبار مثل: حبيب غلوم وموسى البقيشي، ومحمد غانم، بدور الساعي، وناجي جمعة، حيث قدموا أدائية مختلفة تمثلوا فيها النص وتجلت إبداعاتهم على الخشبة، ما صنع شرط الفرجة من حيث تجاوب الجمهور. يتحدث العمل في حكايته النصية عن «فيروز»، وهو رجل ينتمي إلى قاع السلم الاجتماعي، يقع في حب فتاة من علية القوم «ميثاء»، لكن ذلك الحب يصطدم بالعادات والتقاليد، ويقدم العرض مشهديات وصوراً تحكي عن الواقع الاجتماعي في ذلك الوقت عبر شخصيات تنتمي إلى تلك الحقبة من حيث تبنيها لعادات سلبية قديمة مثل والد ميثاء سيف بن غانم، وعلى الرغم من انتصار الحب في النهاية لكن ذلك كان عبر مواجهة قاسية، ونجح العمل في الكشف عن الأبعاد الاجتماعية وما يعيشه الواقع في ذلك الوقت. على الرغم من أن العرض ينتمي إلى الأعمال التراثية في حكايته وموضوعه، فإن الرؤى الإخراجية أغنت العمل كثيراً بمقاربات وأدوات تنتمي إلى روح العصر، عبر عملية المزج بين ما هو تراثي وما هو حديث، حيث حمّل المخرج العمل بالكثير من الدلالات والإيحاءات، من أجل تجاوز المحلي والانفتاح على الإنساني، إذ جمع العمل بين توظيف الموسيقى الشعبية والحديثة في ذات الوقت وبعض عناصر الديكور ليشكل لوحة مشهدية تنتمي إلى الماضي والحاضر وتعج بالرؤى الفكرية، ما يشير إلى أن العامري قد تصرف في نص المؤلف على أساس أنه نصه الخاص. مفارقات من الأشياء اللافتة في العمل تلك المفارقات البديعة والمدهشة في حكاية العرض والتي تظهر شخصية بطل العمل «فيروز»، بالرجل المتجاوز والمتسامي رغم موقعه الاجتماعي وما يمارس ضده من قهر، ففي زمن الحكاية كان هناك الاحتلال البريطاني، ما جعل فيروز في تحدٍّ مزدوج ما بين البحث عن حريته الخاصة وحرية البلاد بصورة عامة عبر الانخراط في النضال مع الآخرين، وتلك لفتة بارعة في العمل، عمل على تعميقها المخرج عبر حواريات وفعل درامي مؤثر. تكوين لعل براعة العامري في التعامل مع هذا النص الشاعري والملحمي، تكمن في صنع لوحة تشكيلية متشابكة في عوالمها، عبر ذلك المزج الخلاق بين فن الجرافيك والاكسسوارات المعبرة عن البيئة المحلية، والحوارية المبدعة بين آلة الهبان الشعبية والموسيقى الحديثة، بحيث كانت هذه اللحظة عرضاً مسرحياً قائماً بذاته عبّر عن الحالة الدرامية بصورة كبيرة، حيث عمل المخرج على حشد العديد من العلامات النصية والدلالات والرموز من أهمها جذور الحبال التي كانت تشير إلى التوق إلى الحرية، وكان المشهد اللافت هو لحظة قيام ميثاء بتقطيع تلك الجذور بحركة مسرحية قوية وكأنها تعلن تمردها ورفضها للخضوع للعادات والتقاليد البالية، وأثناء ذلك كانت ميثاء تخاطب أمها التي تنتمي هي الأخرى إلى القديم، لتطالبها بأن ترفع رأسها وتشاهد المتغيرات الاجتماعية والثقافية، إلا أن الأم تضع يدها على وجهها كمن يخشى أن يواجه ضوء الشمس بشكل مباشر. وجاء الانتقال الزمني من الماضي إلى الحاضر بصورة مدهشة ورائعة، كما أن العمل نجح في معالجة قضية المرأة، حيث ابتكر العرض حوارية فكرية مركبة ومعقدة مع مسألة التحرر النسوي، عبر صورة بصرية مدهشة ومحملة بالدلالات والكثير من الرؤى النقدية والفكرية والفلسفية. وربما كان التوظيف الخلاق لعناصر السينوغرافيا من ديكور وإضاءة وموسيقى وغناء شعبي، المسألة الحاسمة في نجاح هذا العرض الكبير، بحيث ينتمي إلى حكاية النص وفكرته ومدلولاته، ونجح ذلك التوظيف في تقريب الحالات النفسية والإنسانية، وكذلك فعلت الحوارات الشاعرية بين الممثلين والتي كانت شديدة العمق واستطاعت أن تعبر عن حالة الصراع الاجتماعي بأدوات المسرح. هذا العمل المختلف عرض في مهرجان «الشارقة للمسرح الخليجي»، وحصد العديد من الجوائز في ذلك المهرجان، كما فاز بجائزة أفضل عرض مسرحي متكامل في «أيام الشارقة المسرحية»، عام 2019.